لم يكتفِ الإنسان بتلويث الأرض بل تخطى حدود الكوكب وخرج لينشر نفاياته في الفضاء! قد يظن البعض أن اعتبار ذلك بمثابة مشكلة هو أمر مبالغ فيه وأننا ليس لنا علاقة مباشرة بالفضاء، فنحن يهمنا الأرض التي نعيش عليها وكفى! لكن عندما نعرف مدى خطورة الأمر سندرك كيف تشكل مخلفات الفضاء كارثة حقيقية.
ما هي مخلفات الفضاء؟
هي الأشياء المادية التي نتجت أو خُلفت من عمليات إطلاق الصواريخ أو الأقمار الصناعية إلى الفضاء وتُركت لتستمر في دورانها حول الأرض، قد تكون ذات أحجام ضخمة كالأقمار الصناعية نفسها التي فشلت في عملها أو انتهت مهمتها، أو أجزاء الصواريخ التي انفصلت بعد الانطلاق من الأرض، وقد تكون قطع صغيرة كبقع الطلاء التي سقطت عن الصواريخ وما إلى ذلك.
بدأت تلك المخلفات في الظهور مع بداية عصر استكشاف الفضاء في الخمسينيات من القرن الماضي حيث تم من وقتها حتى الآن إطلاق آلاف الصواريخ والأقمار الصناعية دون الأخذ في الاعتبار ماذا يمكن أن ينتج عن ذلك.
لأي مدى وصل حجم مخلفات الفضاء؟
بينما نتحدث الآن يوجد ما يقرب من 3000 قمر صناعي متوقف عن العمل يلوث مدارات الأرض وليس هذا فقط بل هناك أكثر من 34 ألف قطعة من مخلفات الفضاء حجمها أكبر من 10 سنتيمترات ومعها ملايين من القطع الأصغر حجماً تسبح دون توقف حول الأرض.
لماذا نعتبر وجود تلك المخلفات هو ذو خطورة محتملة؟
هل تتذكر أفلام الخيال العلمي التي تظهر فيها المركبات الفضائية وهي تناور وتحاول شق طريقها وسط الأحجار الصغيرة التي تعترضها؟ هذا التصور هو ما يخيف العلماء ويجعلهم يعتبرون المخلفات مشكلة حقيقية، فبزيادة نسبة المخلفات الفضائية يتسبب ذلك في إعاقة حركة الأقمار الصناعية الفعالة التي تدور حول الأرض وكذلك حركة محطة الفضاء الدولية التي يقطنها رواد الفضاء، ولذلك يتم برمجتهم على إحداث بعض المناورات أثناء دورانهم حول الأرض لتجنب الاصطدام بتلك المخلفات بقدر الامكان أثناء رحلتهم.
حتى الآن يتم السيطرة على الأمر بشكل جيد لتجنب أي اصطدامات محتملة لكن بالرغم من ذلك فهناك عدد من الحوادث التي بالفعل تسببت فيها تلك المخلفات وقد تزيد في المستقبل بشكل كبير، ففي عام 1996 اصطدم قمر صناعي فرنسي بحطام صاروخ فرنسي آخر كان قد انفجر منذ عقد كامل قبل تلك الحادثة!
وفي عام 2009 اصطدمت مركبة فضائية روسية متوقفة عن العمل بمركبة أخرى أمريكية وتسبب الاصطدام في تدمير الأخيرة تماماً ونتج عنه 2,300 قطعة أخرى أُضيفت لمخلفات الفضاء!
حتى أصغر القطع كبقع الطلاء يمكنها أن تُحدث ضرر بالمركبات الفضائية عندما تسير بتلك السرعات العالية، فالعديد من نوافذ محطة الفضاء الدولية تم استبدالها بسبب حدوث ضرر من مواد اصطدمت بها ثبت بعد تحليلها أنها بقايا لمواد الطلاء.
هل هناك حلول فعالة لإزالة المخلفات االفضائية؟
بالفعل ناشدت الأمم المتحدة كل الشركات المصنعة للأقمار الصناعية بإزالة تلك الأقمار في خلال 25 عام بعد إنتهاء عملها ولذلك تحاول العديد من الشركات الوصول لحلول عملية. بالفعل توصل البعض منهم لحلول جديدة يتم فيها سحب الأقمار من مدارها وجذبها للأرض فتخترق الغلاف الجوي وتحترق معظم أجزائها.
يرى البعض منهم سحبها عن طريق مغناطيس قوي أو توجيه أشعة الليزر عليها لتسخينها حتى يمكن للغلاف الجوي سحبها بسهولة أكبر، وأكثر الحلول ابتكاراً هي تجميعهم في شبكة عملاقة ثم توجيهم للغلاف الجوي لتتم عملية الاحتراق، حتى أنه بالفعل يعمل فريق من العلماء من جامعة سيري بالمملكة المتحدة بالفعل على إطلاق قمر صناعي يسمى RemoveDEBRIS satellite وهو قادر على صنع شبكة عملاقة لتلتقط جزء من المخلفات حول الأرض ثم إرسالها للغلاف الجوي.
قد تكون مشكلة مخلفات الفضاء حالياً بينما نتحدث ما زالت لم تدخل في مراحلها الحرجة، لكن إن استمر الأمر كما هو عليه لن تكون العواقب حميدة في المستقبل! ولذلك الكثير من الجهود الآن تسعى لخلق حلول فعالة لها أو حتى تجنبها من الأساس فبعض الجهات تخطط لأن يكون أي قمر صناعي يتم إطلاقه في المستقبل يكون ذو خطة محددة لما سيحدث بعد انتهاء عمله لكي يتجنبون تركه سابحاً في مدارات الأرض للأبد.